موعظة بليغه
بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان دائما في حاجة إلى أن يتذكر تقلبات الأيام ويضع لها حسابها , فإذا لم يتذكر يجب أن يكون هناك من يذكره , فما أقبح الخضوع عند الحاجة والغلظة عند الغنى ؛ لأن الغلظة والتكبر والتجبر من أعمال الشيطان يسيطر بها علي الغني فيظلم ويتسلط وينسى أن ما عنده من مال وجاه وسلطة هو وديعة تسترجع يوما ما, ولكن هذا الأمر يحتاج إلى واعظ لا يخشى لومة لائم في نشر المواعظ والتذكير.
وهذه القصة تجسد هذه المعاني :-
دخل الإمام الأوزاعي وهو احد علماء المسلمين وفقهائهم ووعاظهم في العصر العباسي الأول . دخل علي الخليفة أبي جعفر المنصور , وكان الوعاظ يهابون المنصور ويخافونه ويخشونه , لقسوته وغلظته وجفاء طبعه , فقال له الخليفة عظني يا اوزاعي , قل لي موعظة : فقال الأوزاعي رحمه الله يا أمير المؤمنين أنت في هذه الدنيا ضعيف , والضعيف حتى وإن طال بقاؤه لابد أن يرحل يوما ما , وما في يدك من الملك والسلطان هو أمانة , والأمانة حتى وإن غفل عنها أهلها حينا لابد أن تسترجع , فأنت ضعيف مرتحل وما في يدك أمانة مسترجعة , يا أمير المؤمنين لا يغرك ما أنت فيه من الملك فإن الملك لا يدوم .. لو دام لمن هم قبلك ما وصل إليك . يا أمير المؤمنين أوصيك بالإكثار من تلاوة قول الله تعالى : " وتلك الأيام نداولها بين الناس " .
موعظة عظيمة صادقة .. من إمام عظيم صادق . ليت لنا آذانا تسمعها , وعقولا تفهمها , ونفوسا سمحة تتقبلها وتعمل بها , ليت لنا وعاظا يقولونها بشجاعة , ومسئولين يسمعونها برحابة صدر , ليت من يتعالى علي الناس بماله وما أتاه الله يعلم أن الأيام قد تهب عليه برياح الشدة كما هبت عليه برياح الرخاء , ليته يتذكر انه خرج إلى الدنيا من بطن ضيق مظلم , وما هي إلا أيام ويغادرها إلى قبر أكثر ضيقا وأشد ظلمة , ليت الناس يعرفون أنهم يعيشون في هذه الدنيا ببطاقة إقامة لها اجل وتنتهي فيه صلاحيتها وتسحب ولا تجدد
إن الدنيا مهما أقبلت وأينعت أزهارها وازدانت حدائقها وفرح أهلها لا دوام لها , لأن الأيام تلد كل يوم جديد وتقابل الإنسان كل يوم بوجه , تقابله بوجه ضاحك خداع حتى يعتقد الغافل والجاهل أنها أصبحت طوع إرادته وخادمة له , ثم إذا اطمأن لها وركن إليها , متنكرا لأصدقائه وأقاربه ومعارفه من أجلها كشرت في وجهه وهربت من بين يديه , رغم حرصه عليها وتشبثه بها , فالأيام لا تستحي من احد , ومن آمن الزمان خانه .
هذه النصيحة ما أحو جنا إليها في هذا العصر, مواطنين ومسئولين وقادة وسياسيين , وفي كل مجالات الحياة ؛ لأن الدنيا كما قال . الماوردي في أدب الدنيا والدين . لا تصفو لشارب ولا تبقى لصاحب ولا تخلو من فتنة ولا محنة , فاعرض عنها قبل أن تعرض عنك , واستبدل بها قبل أن تستبدل بك , فإن نعيمها يتنقل وأحوالها تتبدل ولذاتها تفنى وتبعاتها تبقى .
نأمل أن يكون في ذلك موعظة ومنفعة للمسلمين جميعا في هذا الزمان.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير البلاد والعباد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان دائما في حاجة إلى أن يتذكر تقلبات الأيام ويضع لها حسابها , فإذا لم يتذكر يجب أن يكون هناك من يذكره , فما أقبح الخضوع عند الحاجة والغلظة عند الغنى ؛ لأن الغلظة والتكبر والتجبر من أعمال الشيطان يسيطر بها علي الغني فيظلم ويتسلط وينسى أن ما عنده من مال وجاه وسلطة هو وديعة تسترجع يوما ما, ولكن هذا الأمر يحتاج إلى واعظ لا يخشى لومة لائم في نشر المواعظ والتذكير.
وهذه القصة تجسد هذه المعاني :-
دخل الإمام الأوزاعي وهو احد علماء المسلمين وفقهائهم ووعاظهم في العصر العباسي الأول . دخل علي الخليفة أبي جعفر المنصور , وكان الوعاظ يهابون المنصور ويخافونه ويخشونه , لقسوته وغلظته وجفاء طبعه , فقال له الخليفة عظني يا اوزاعي , قل لي موعظة : فقال الأوزاعي رحمه الله يا أمير المؤمنين أنت في هذه الدنيا ضعيف , والضعيف حتى وإن طال بقاؤه لابد أن يرحل يوما ما , وما في يدك من الملك والسلطان هو أمانة , والأمانة حتى وإن غفل عنها أهلها حينا لابد أن تسترجع , فأنت ضعيف مرتحل وما في يدك أمانة مسترجعة , يا أمير المؤمنين لا يغرك ما أنت فيه من الملك فإن الملك لا يدوم .. لو دام لمن هم قبلك ما وصل إليك . يا أمير المؤمنين أوصيك بالإكثار من تلاوة قول الله تعالى : " وتلك الأيام نداولها بين الناس " .
موعظة عظيمة صادقة .. من إمام عظيم صادق . ليت لنا آذانا تسمعها , وعقولا تفهمها , ونفوسا سمحة تتقبلها وتعمل بها , ليت لنا وعاظا يقولونها بشجاعة , ومسئولين يسمعونها برحابة صدر , ليت من يتعالى علي الناس بماله وما أتاه الله يعلم أن الأيام قد تهب عليه برياح الشدة كما هبت عليه برياح الرخاء , ليته يتذكر انه خرج إلى الدنيا من بطن ضيق مظلم , وما هي إلا أيام ويغادرها إلى قبر أكثر ضيقا وأشد ظلمة , ليت الناس يعرفون أنهم يعيشون في هذه الدنيا ببطاقة إقامة لها اجل وتنتهي فيه صلاحيتها وتسحب ولا تجدد
إن الدنيا مهما أقبلت وأينعت أزهارها وازدانت حدائقها وفرح أهلها لا دوام لها , لأن الأيام تلد كل يوم جديد وتقابل الإنسان كل يوم بوجه , تقابله بوجه ضاحك خداع حتى يعتقد الغافل والجاهل أنها أصبحت طوع إرادته وخادمة له , ثم إذا اطمأن لها وركن إليها , متنكرا لأصدقائه وأقاربه ومعارفه من أجلها كشرت في وجهه وهربت من بين يديه , رغم حرصه عليها وتشبثه بها , فالأيام لا تستحي من احد , ومن آمن الزمان خانه .
هذه النصيحة ما أحو جنا إليها في هذا العصر, مواطنين ومسئولين وقادة وسياسيين , وفي كل مجالات الحياة ؛ لأن الدنيا كما قال . الماوردي في أدب الدنيا والدين . لا تصفو لشارب ولا تبقى لصاحب ولا تخلو من فتنة ولا محنة , فاعرض عنها قبل أن تعرض عنك , واستبدل بها قبل أن تستبدل بك , فإن نعيمها يتنقل وأحوالها تتبدل ولذاتها تفنى وتبعاتها تبقى .
نأمل أن يكون في ذلك موعظة ومنفعة للمسلمين جميعا في هذا الزمان.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير البلاد والعباد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته