فضل صوم رمضان
يُعَدّ الصوم من العبادات التي فرضها الله -تعالى- على عباده المؤمنين، والتي لها عظيم الأثر في قلب المؤمن؛ فهو يُنقّي النفس، ويُطهّرها، ويُهذّبها، ويصون الجوارح عن الفواحش والآثام والأخلاق السيّئة، ويتكشّف به الإيمان الصادق عن غيره، كما أنّه يُعلّم المسلم الصبر ومجاراة السُّفهاء، وقد رغبّت أحاديث كثيرة في صيام رمضان وقيامه، ورتّب الله -تعالى- على ذلك الأجر والثواب؛ إكراماً لأمّة محمد- صلّى الله عليه وسلّم-، وجعل لمَن يداوم على الصوم باباً في الجنّة لا يدخل منه إلّا الصائمون، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ).
السفر: إذ يُعَدّ السفر من الأعذار التي يُباح بسببها الفطر، وقد وضع العلماء شروطاً للسفر الذي يُعَدّ عُذراً يُباح فيه الفطر، ومنها: أن يكون السفر من الأسفار التي يُباح فيها قصر الصلاة، وأن لا يكون سفراً لمعصية، وأن لا تزيد مدّة السفر عن المدّة التي يُسمَح فيها قصر الصلاة؛ لأنّ المسافر بعدها يُعَدّ مُقيماً، كما يجب أن يكون المسافر خارجاً من مدينته التي يُقيم فيها ومُجاوزاً لها، وقد فصّل العلماء في حالات المسافر، ورتّبوا لكلّ حالة منها أحكاماً مختلفة؛ فيجوز لِمَن يسافر قبل طلوع الفجر مع نيّة الفِطر أن يُفطر بإجماع العلماء، أمّا مَن يسافر بعد طلوع الفجر أو خلال النهار، فيجوز له الفِطر على رأي الحنفية والمالكية وما صحّ من مذهب الشافعية، ورأى الحنابلة وبعض الشافعية عدم جواز الفِطر في هذه الحالة، كما اختلف الفقهاء في ما إذا كان الفِطرأفضل للمسافر، أم الصوم؛ فذهب جمهور الفقهاء من الشافعية، والحنفية، والمالكية إلى أنّ الصوم أفضل إذا لم يُؤثّر في المسافر، وذهب الحنابلة، وابن عباس -رضي الله عنه-، وابن عمر- رضي الله عنهما- إلى أنّ الفِطر أفضل.
المرض: يجوز للمريض الذي يشقّ عليه الصوم، أو يزيد الصوم من مَرضه، أو يُؤخّر شفاءه، أن يفطر في نهار رمضان باتّفاق جمهور العلماء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، قال -تعالى-: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[٦] ويُسَنّ له الفِطر ويُكرَه له الصوم عند الحنابلة، وقد أوجبت الشريعة الإسلامية على المريض الفِطر، وحرّمت عليه الصوم في بعض الحالات، كمن خاف على نفسه الضرر الشديد، أو الموت، ولا يجب على المريض أن ينوي الأخذ برخصة الإفطار عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، خِلافاً للشافعية الذين قالوا بوجوب نيّة الإفطار للآخذ بالرُّخصة، ويأثم بتَركه النيّة.
التقدُّم في السنّ: أجمع الفقهاء على جواز إفطار الرجل المُسِنّ والمرأة المُسِنّة في نهار رمضان إذا كانا لا يستطيعان الصوم في أيّ يوم من أيّام السنة، وتجب عليهما الفِدية؛ لعدم قدرتهما على الصوم.