بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها
قال أبو زرعة الدمشقى: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنى معاوية بن صالح عمن حدثه، قال: أنزلت التوراة على موسى فى ست ليال خلون من شهر رمضان، ونزل الزبور على داود فى اثنتى عشر ليلة خلت من شهر رمضان، وذلك بعد التوراة بأربعمائة سنة واثنتين وثمانين سنة، وأنزل الإنجيل على عيسى ابن مريم فى ثمانية عشرة ليلة خلت من رمضان بعد الزبور بألف عام وخمسين عامًا، وأنزل الفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم فى أربع وعشرين من شهر رمضان، وقد ذكرنا فى التفسير عند قوله: {شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن} الأحاديث الواردة فى ذلك، وفيها أن الإنجيل أنزل على عيسى ابن مريم عليه السلام فى ثمانى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان.
وذكر ابن جرير فى تأريخه: أنه أنزل عليه وهو ابن ثلاثين سنة، ومكث حتى رفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، كما سيأتى
بيانه إن شاء الله تعالى. وقال إسحاق ابن بشر: وأنبأنا سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة ومقاتل، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن
أبى هريرة قال: أوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم: يا عيسى جد فى أمرى ولا تهن واسمع وأطع، يا ابن الطاهرة البكر البتول إنك
من غير فحل وأنا خلقتك آية للعالمين، إياى فاعبد وعلىَّ فتوكل، خذ الكتاب بقوة فسر لأهل السريانية، بلغ من بين يديك أنى أنا
الحق الحى القائم الذى لا أزول، صدقوا النبى الأمى العربى صاحب الجمل والتاج، وهى العمامة، والمدرعة والنعلين والهراوة، وهى
القضيب، الأنجل العينين، الصلت الجبين، الواضح الخدين، الجعد الرأس، الكث اللحية، المقرون الحاجبين، الأقنى الأنف، المفلج الثنايا،
البادى العنفقة، الذى كأن عنقه إبريق فضة، وكأن الذهب يجرى فى تراقيه، له شعرات من لبته إلى سرته تجرى كالقضيب، ليس على
بطنه ولا على صدره شعر غيره، شثن الكف والقدم، إذا التفت التفت جميعًا، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر وينحدر من صبب
عرقه فى وجهه كاللؤلؤ وريح المسك تنفح منه ولم ير قبله ولا بعده مثله، الحسن القامة الطيب الريح نكاح النساء ذا النسل القليل،
إنما نسله من مباركة لها بيت، يعنى فى الجنة، من قصب لا نصب فيه ولا صخب، تكفله يا عيسى فى آخر الزمان كما كفل زكريا
أمك، له منها فرخان مستشهدان وله عندى منزلة ليست لأحد من البشر، كلامه القرآن، ودينه الإسلام، وأنا السلام، طوبى لمن أدرك
زمانه وشهد أيامه وسمع كلامه.